الشاعر المصري حافظ إبراهيم

29 يناير 2019
الشاعر المصري حافظ إبراهيم

تحدثنا في سلسلة مقالات سابقة عن شعراء الحديث، ذلك العصر الشعري في تاريخ الأدب والشعر العربي الذي تميز بالثورة على المدارس الشعرية القديمة في التراث العربي ودعا إلى التجديد والتطوير في الشعر والأدب، وقد أفرز لنا العصر الحديث في الشعر العربي عدد من أبرز الشعراء على ساحة الشعر حتى وقتنا، أمثال الشاعر الكبير أحمد شوقي الذي لُقب بأمير الشعراء، والشاعر جبران خليل مطران، وكذلك الشاعر العربي الشهير إيليا أبو ماضي، وأيضًا الشاعر المصري العظيم حافظ إبراهيم، الذي عُرف عبر تاريخ الشعر والأدب العربي بشاعر النيل. وخلال سطور هذا التقرير سوف نتعرض لحياة ونشاة وتاريخ واحد من أعظم شعراء العصر الحديث المصريين الشاعر حافظ إبراهيم.

الشاعر حافظ إبراهيم

هو محمد حافظ بن إبراهيم فهمي المهندس، واحد من أبرز الشعراء المصريين الذين أستطاعوا أن يحفروا اسمهم في لوحة شرف الشعر المصري خلال العصر الحديث من تاريخ الشعر والأدب العربي، وذلك بسبب ما تمتع به الشاعر المصري حافظ إبراهيم من موخبة شعرية فزة جعلت منه حالة شعرية فريدة وسط أقان جيله. عُرف الشاعر المصري بحافظ إبراهيم، ولُقب كذلك بشاعر النيل، وشاعر الشعب، ويرجع ذلك إلى طبيعة أسلوبه الشعري وكذلك موضوعاته الشعرية التي كانت قريبة بشكل مباشر مكن العامة آنذاك.

مولد شاعر النيل

شهدت قرية ديروط، إحدى قرى محافظة أسيوط – إحدى محافظات صعيد مصر – مُولد الشاعر المصري حافظ إبراهيم، شاعر النيل، وذلك في العام 1872م. ولقصة مُولد شاعرنا المصري حافظ إبراهيم موقف طريف، حيث تم والدته على متن إحدى السفن التي كانت راسية على ضفاف النيل بالقرب من مدينة ديروط التابعة لمحافظة أسيوط آنذاك، حيث كان والده وقتها وهو المهندس إبراهيم فهمي يتولى الإشراف على قناطر ديروط، وكانت أصول والدة الشاعر المصري حافظ إبراهيم تعود إلى أصول تركية عاشت بمص بعج زواجها من والد الشاعر واستقرت معه في ديروط حيث مكان عمله حتى وفاته.

حياته ونشأته

نشأ الشاعر المصري حافظ إبراهيم في كنف والده المهندس المصري إبراهيم فهمي ووالدته التركية الأصل في مدينة ديروط حيث مكان عمل والده واستقر بالمدينة لفترة من الزمن حتى وفاة والده، ما أضطره هو ووالدته بالرحيل عن ديروط والانتقال إلى القاهرة للعيش بجوار خاله إبراهيم فهمي والذي تولى تربية ورعاية الشاعر إلى جانب والدته حتى توفت هي الأخرى في عام 1908م ، لينتقل إلى طنطا مع خاله الذي قام بنقله للعمل معه هناك ، وكان لخاله المهندس نيازي فهمي دور كبير في حياة الشاعر المصري حافظ إبراهيم وشخصيته وتربيته.

وقد دفعه خاله للالتحاق بالجامع الأحمدي حتى يتمكن من تعلم القراءة والكتاية، ما لعب دوؤ كبير في إثراء مهبة الشاعر اللغوية التي ساعدته على احتراف كتابة الشعر العربي، وأثرى موهبته الشعرية بشكل لافت للنظر. وبعد العيش مع خاله تمرد الشاعر المصري على حياته معه وضاق بها ما دفعه إلى الرحيل عنه تمامًا بعد أن ترك له رسالة يقول فيها: “ثقلت عليك مؤونتي، إني أراها واهية، فافرح فإنّي ذاهب، متوجه في داهية”، وكانت تلك الواقعة سببًا في اللقاء بين الشاعر المصري حافظ إبراهيم وبين محمد أبو شادي المحامي، والذي كان أحد أبرز ثوار ثورة 1919م ضد الاحتلال الإنجليزي لمصر في ذلك الوقت، حيث لعب محمد أبو شادي دور كبير في ثقافة وموهبة حافظ إبراهيم الشعرية، حيث ساعده بشدة على الإطلاع وقراءة الكتب الأدبية والشعرية العظيمة والضخمة التي أثرت مخيلته الثقافية والفكرية والشعرية والأدبية.

تعليمه

تطرقنا في السطور السابقة إلى أن الشاعر المصري حافظ إبراهيم قد عاش لمدة أربع سنوات في كنف والده في محل عمله في مدينة ديروط في محافظة أسيوط قبل أن يتوفى والده، وبعدها انتقل للعيش في القاهرة مع خاله الذي تولى مسئولية تربيته بعد وفاة والده وهناك التحق في مراحله التعليمية الأولى بواحدة من مدارس المنطقة في التي كان يقطن بها مع خاله المهندس نيازي فهمي، وكانت تعرف في ذلك الوقت باسم المدرسة الخيرية، والتي تعلم فيها أصول الدين، والرياضيات، واللغة العربيّة، والكتابة، والقراءة، ومن ثم التحق بمدرسة ابتدائية أخرى عُرفت وقتها باسم المجرسة القربية، بينما التحق في مرحلة تعليمه الثانوي في مدرستي الخديويّة ومدرسة المبتديان.

وعندما اضطر خاله للسفر إلى محافظة ططنطا – إحدى محافظات الدلتا بمصر – أضطر الشاعر حافظ إبراهيم للانتقال مع خاله ليكمل تعليمه الثانوي بمحافظة طنطا وقتها، ولكنه لم يلتزم في الحضور والذهاب إلى المدرسة الثانوية بسبب تعارضها مع دروس الدين التي كانت يذهب إليها في المسجد الأحمدي بالمحافظة، وهو ما ساعده كثيرًا على الإلمام بعلوم اللغة العربية في ذلك الوقت، ومن هنا بدأ شغف الشاعر المصري حافظ إبراهيم بالشعر وقراءة العديد من دواوين الشعراء القدامى في التاريخ العربي الزاخر بكبار الشعراء الذين أثروا التراث الشعري والأدبي العربي على مر العصور، وبعدها بفترة استطاع حافظ إبراهيم أن يخطف الأنظار حول تنظيمه للشعر الذي أُعجب به العديد من أدباء وشعراء وشيوخ طنطا آنذاك.

أسلوب الشعر عند حافظ إبراهيم

اتسم أسلوب الشاعر المصري حافظ إبراهيم الشعري بخصائص وسمات مميزة ميزته كثيرًًا عن شعراء جيله في تلك الفترة، وجعلت من اسم حافظ إبراهيم علامة بارزة في العصر الحديث من تاريخ الشعر العربي إلى وقتنا هذا.

وقد تأثر أسلوب حافظ إبراهيم الشعري بعدد من العوامل والمقومات التي لعبت دور فعال في تكوين موهبته وشخصيته الشعرية، فقد تأثر حافظ إبراهيم كثيرًا بحبه للقراءة والإطلاع على شعر دواوين وقصائد الشعراء القدامى في العصر الجاهلي وعصر الإسلام والعصر الأموي والعصر العباسي كذلك، حيث كانت لديه قدرة كبيرة على الانتهاء من قراءة الدواوين في وقت قصير للغاية.

تميز الشاعر المصري حافظ إبراهيم بدفاعه الشديد والمستميت عن اللغة العربية ضد حملات التغريب التي واجتها اللغة العربية من قبل المستعمر الإنجليزي في ذلك الوقت، ظهر ذلك جليًا في كثير من قصائده الشعرية الوطنية التي ألفها خصيصًا لهذا الغرض آنذاك. وإلى جانب دفاعه الشديد عن اللغة العربية، فقد جاءت موضوعات حافظ إبراهيم الشعرية كثيرة ومتنوعة، وكان من أهم تلك الموضوعات الاهتمام بالكتابة عن التاريخ الإسلامي، فقد نظم العديد من القصائد الشعرية في مدح رسول الله محمد – صلى الله عليه وسلم –  وكذلك مدح صحابة رسول الله، حيث ترك الشاعر المصري حافظ إبراهيم خلفه تراث شعري غزير في الشعر الإسلامي، ولك نسبة إلى تأثره الشديد بالثقافة الإسلامية حيث كان من أشد المتابعين والمتأثرين بالأحداث التاريخية الإسلامية.